جدل واسع في إيطاليا بعد تصريحات مقررة أممية عن الإبادة في غزة

تواجه فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، موجة انتقادات حادة في إيطاليا بعد سلسلة من التصريحات المثيرة للجدل، أبرزها خلافها مع السيناتورة مدى الحياة ليليانا سيرغي بشأن استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية” لوصف ما يحدث في غزة.
وذكرت صحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية أن ألبانيزي، المعروفة بمواقفها المؤيدة للقضية الفلسطينية، تعرضت لانتقادات واسعة بعد أن وصفت تصريحات سيرغي بأنها غير متزنة. وأشارت إلى أن تجربة السيناتورة، التي نجت من “المحرقة”، قد تؤثر على قدرتها في تقييم الأوضاع الحالية بموضوعية.
وقالت ألبانيزي في مقابلة صحفية: “لا يمكن أن نطلب تشخيصًا من شخص نجا من المرض، بل من مختص”.
بدأ الخلاف في أغسطس/آب الماضي، عندما انتقدت سيرغي ما وصفته بـ”الاستخدام المفرط” لمصطلح الإبادة الجماعية في سياق غزة، معتبرة ذلك انعكاسًا لمشاعر كراهية ومعاداة للسامية.
وردت ألبانيزي عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن المصطلح “يعكس مسؤولية جماعية تجاه ما يحدث في غزة”، مضيفة أن “شعبًا كاملًا يُجبر على دفع ثمن السادية اللانهائية لعصابة من المجرمين ومساعديهم القريبين والبعيدين”.
وفي مناسبة رسمية بمدينة ريجيو إميليا شمال إيطاليا، أثارت ألبانيزي الجدل مجددًا عندما طلبت من عمدة المدينة ماركو ماسّاري عدم تكرار عبارة “نهاية الإبادة الجماعية وتحرير الرهائن”، ما أثار تفاعلًا سلبيًا من الحضور وانتشارًا واسعًا للفيديو عبر وسائل الإعلام.
كما أثارت مغادرتها المفاجئة لاستوديو قناة “لا 7” خلال برنامج “على الهواء” مساء الاثنين الماضي انتقادات إعلامية. واعتبر البعض أن انسحابها جاء احتجاجًا على ذكر اسم سيرغي، بينما أوضحت لاحقًا أن موعد مغادرتها كان متفقًا عليه مسبقًا، وأن السبب الحقيقي هو “استغلال اسم السيناتورة لإنكار الإبادة الجماعية في غزة”.
في الوقت نفسه، تسببت تصريحات ألبانيزي في انقسامات داخل الحزب الديمقراطي الإيطالي. فبينما أشاد بها بعض المسؤولين المحليين — كما حدث في مبادرة منحها الجنسية الفخرية من بلدية بولونيا — فإن قيادات أخرى وصفتها بأنها شخصية “نرجسية ومستقطبة ومثيرة للانقسام”.
وانتقدها عدد من السياسيين، بينهم ماتيو رينزي زعيم حزب “إيطاليا فيفا”، وماوريتسيو غاسباري من حزب “فورزا إيطاليا”، وفيديريكو موليكوني من حزب “إخوة إيطاليا”، معتبرين تصريحاتها حول الرهائن الإسرائيليين “غير لائقة” وتمثل “انحدارًا أخلاقيًا”.


في المقابل، دافع عنها تحالف اليسار البيئي، واعتبرها “واحدة من أبرز المدافعين عن عملية السلام في الشرق الأوسط”، مؤكدًا أن “مواقفها كان يجب أن تحظى بدعم أكبر من الطبقة السياسية الإيطالية”.


يعكس الجدل حول تصريحات فرانشيسكا ألبانيزي الانقسام المتزايد داخل المجتمع والسياسة الإيطالية بشأن الحرب في غزة. فبينما يطالب البعض بالحياد الدبلوماسي والابتعاد عن الخطابات المثيرة، يرى آخرون أن المقررة الأممية تمثل صوتًا جريئًا يفضح ازدواجية المعايير الدولية. ومع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، يبدو أن مواقف ألبانيزي ستظل محورًا للنقاش، ليس فقط في إيطاليا، بل في الأوساط الأممية أيضًا.


المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى