الإنسان التافه… داء العصر

العديد من الناس، يحرصون على المال حرصا شديدا، كما لو كان عضوا من اعضائهم، بالعكس يعتقدون أن المال ربما اغلى من كلية أو طحال ، وهذا ربط صادم مريع…
يبدو أننا فقدنا ببساطة انسانيتنا، وأنتجنا إنسانا لا يشبه الانسان، يشعر بالملل والوحدة والغربة المستمرة ولا يشعر بالأمان الا بوجود المزيد ثم المزيد من المال لأنه يدرك أنه ليس لديه محتوى في نفسه يجذب الناس له، وغير قانع بأركان العيش البسيطة من مأكل وملبس!
تلك التركيبة القميئة من إنسان نهم لا يشبع، ومهزوز لا يتماسك، وجامد لا يتأقلم، يظل في حيرة مع نفسه ومن نفسه، فيسأل نفسه ، ما هو الحد الأعلى من الثروة الضروري لأبلغها، وبعد كل ما جمعت هل سأبقى مرغوبا ام سينصرف عني الناس؟ ألهانا التكاثر، ونزور المقابر، ولا زلنا غير راشدين.
اتذكر في هذه الأيام سيدنا محمد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وانس بن مالك خادمه المطيع وخليله الوفي، يا ترى كم من الشيكات المكتوبة بآلاف الدولارات كتبها رسولنا لأنس؟ الإجابة: صفر، انس عليه رضوان الله ، التصق بالحضرة النبوية متعلما وخادما، ورسول الله لم يبخل عليه قط، فنعم العالم ونعم المعلم، اولئك اقوام عرفوا قيمة العلم والأخلاق وقيمة الرجال واحبوا واعطوا، دون شيكات ودنانير ودراهم، يا ترى، كم عالما انت مستعد لتخدمه ليغدق عليك من علمه ويعاملك بكرم اخلاقه؟ وهل انت معطاء مغدق بعلمك على طلابك لدرجة أنهم يعتبرونك بمثابة اب او أخ كبير؟
حقيقة نحن في ازمة، أزمة وجودية وأخلاقية كبيرة، واضح أن اغواء الماديات فيها لعين. اين ذهب عهد الصحابة؟ ليتنا نعيش معهم ساعة…
د. احمد السالم
طبيب نفسي أردني