«شبكة تمويل خفية» جمعيات مرتبطة بحزب الله تستغل التحويلات الرقمية لتجاوز العقوبات الأميركية

كشف تقرير صحفي جديد عن استخدام جمعيات خيرية مرتبطة بحزب الله اللبناني شركات دفع رقمية محلية لجمع وتحويل الأموال، في محاولة يُعتقد أنها تهدف إلى الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على الحزب وشبكاته المالية.
ووفقاً لصحيفة “فايننشال تايمز”، أظهر التحقيق أن شركات لبنانية مثل “ويش موني” (Whish Money) و”أو.إم.تي” (OMT) استُخدمت لجمع التبرعات وتحويل الأموال لصالح جمعيات تابعة لحزب الله، منها مؤسسة الشهيد، ومؤسسة الجرحى، وجمعية الإمداد الإسلامية (الفرع اللبناني لمؤسسة الإمام الخميني للإغاثة).
وطلبت هذه الجمعيات من المتبرعين إرسال الأموال إلى محافظ إلكترونية بأسماء أفراد وليس إلى حسابات رسمية باسم الجمعيات عبر تطبيقي “ويش موني” و”OMT” في بيروت. وأكد موظفون في ثلاثة فروع مختلفة من “ويش موني” أن المحافظ المرتبطة بتلك الجمعيات نشطة فعلاً.
وأشار التحقيق إلى أن تحويل الأموال عبر محافظ أفراد لا يخضعون للعقوبات يقلل فرص اكتشاف السلطات للعلاقة بين الجهة المستقبلة والتحويلات والجمعيات المحظورة التي تستفيد فعلياً من الأموال، ما يسمح بتجاوز أنظمة التحقق والرقابة.
وأوضحت وثائق وسجلات معاملات راجعتها الصحيفة أن بعض التحويلات أُرسلت بالدولار من الخارج، منها من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى لبنان عبر شركة RIA (شريكة “ويش موني” الدولية)، قبل أن يتسلمها أفراد مرتبطون بجمعية الإمداد، التي أصدرت لاحقاً إيصالات تبرع مطابقة للمبالغ المستلمة.
ويأتي ذلك في ظل توسع استخدام خدمات الدفع الرقمي في لبنان بعد انهيار القطاع المصرفي عام 2019، حيث بلغت التحويلات من الخارج نحو 6 مليارات دولار في عام 2024 وفقاً للبنك الدولي.
بدورها، نفت الشركات المعنية أي تورط في أنشطة غير قانونية، مؤكدة التزامها الكامل بإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقالت شركة “ويش موني” إنها تتعرض لحملة تشويه سياسية، فيما أكدت “OMT” أنها تعمل وفق القوانين الأميركية والدولية ولا تربطها أي علاقة بالجمعيات المذكورة.
كما شددت شركتا Visa وMastercard على التزامهما بالعقوبات والرقابة المالية، في حين أكدت RIA امتلاكها “نظام رقابة قوي” لمتابعة الأنشطة المشبوهة.
وفي المقابل، ردّ مكتب العلاقات الإعلامية الخارجي لحزب الله نيابة عن مؤسستي الشهيد والجرحى، مؤكداً أن عملهما “إنساني بحت” وأنهما لا تمتلكان حسابات على “ويش موني” أو “OMT”.
ويشير التحقيق إلى أن حزب الله، رغم العقوبات الأميركية الصارمة، لا يزال يجد قنوات مالية بديلة عبر النظام الرقمي اللبناني الذي توسّع بعد الأزمة الاقتصادية، ما يكشف عن ثغرات كبيرة في أنظمة مكافحة تمويل الإرهاب في لبنان والمنطقة.
المصدر: العربية